قبل اربع سنوات من اليوم وفي عيد الحب قدمت لنا الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هدية ثمينة ، استبشرت من خلالها فعاليات كرة القدم الوطنية خيرا بمستقبل زاهر اللعبة في المملكة بإعلان تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد “الفار”، لأول مرة، خلال مباراة اتحاد طنجة والفتح الرياضي، إذ ساد الاعتقاد، أنذاك، أن التحكيم في المغرب سيتطور والأخطاء ستكون قليلة وندخل عهدا جديدا، ولن نكون في حاجة لمواجهة احتجاجات قوية وبلاغات حادة من الأندية الاحترافية .
منذ بداية الموسم الكروي الحالي 2024/2023، وإلى حدود الجولة الـ18 من البطولة الوطنية الاحترافية ، سجلت جميع الأندية الـ16 في الدوري الوطني الاحترافي الأول احتجاجات قوية على التحكيم، لكن في الشطر الثاني من الدوري، ارتفعت وتيرة الاحتجاجات أكثر، وارتفعت معها حدة البلاغات ضد هذ الحكم أو ذاك
خيت وصل ذروة الاحتقان عند بعض الأندية الاحترافية إلى التشكيك في مصداقية ونزاهة بعض الحكام ، على غرار يوسفية برشيد بالأمس ، الذي قال في بلاغ له، إن قرارات طاقم تحكيم مباراته أمام مضيفه شباب المحمدية“كانت غير عادلة وبعيدة كل البعد عن التحكيم النزيه”، معتبرا أن الحكم محمد بلوط “إرتكب أخطاء كارثية في المباراة وأتر على نتيجة المباراة وأن مثل هذه الممارسات الغير مسؤولة، تضرب ناقوس الخطر على التحكيم الوطني”، كذلك الشأن بالنسبة لناطق الرسمي باسم الوداد البيضاوي محمد طلال ، الذي اعتبر أن مديرية التحكيم “صارت عاجزة عن وقف مسلسل الأخطاء”.
تقنية الفار .. ماذا قدمت للبطولة الاحترافية ؟
كان الغرض من توفير تقنية حكم الفيديو “الفار” بالبطولة ، استنادا إلى خبراء التحكيم في العالم، التقليل، إلى أقصى حد، من أخطاء الحكام في المباريات، والقطع مع عهد الأخطاء المؤثرة على نتيجة المباريات ، لكن واقع الحال في الدوري المغربي، يشير إلى أن هذه التقنية مازالت لم تسهم في الحد من احتجاجات الأندية، بل إنها، حسب البعض، زادت في اعتقاد المسؤولين والجماهير بنظرية المؤامرة، وهذا ما أشارت إليه مجموعة من الأندية في بلاغاتها الاحتجاجية حين طالبت بـ”تكافؤ الفرص والحياد”
ومعلوم أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، ينص على أنه يحق للحكام العودة لهذه التقنية، أثناء المباريات، في بعض الحالات المستعصية فقط، الغير واضحة، مثلا، للتأكد من صحة ركلات الجزاء المعلنة ، وبعض الأخطاء المؤثرة، وحالات التسلل التي تعقبها أهداف، والبطاقات الممنوحة للاعبين لكن الواقع الحالي، في الدوري الوطني الاحترافي الأول، يظهر بالملموس الاعتماد الكبير للحكام على هذه التقنية، إذ صاروا يلجؤون إليها للحسم في حالات لا تستدعي تضييع تلات دقائق أو 5 من زمن المباراة.
وفي هذا السياق قال الخبير التحكيمي والحكم السابق محمد الموجه،، في حديث صحفي، أن هذه التقنية “لم تقدم الإضافة التي كنت منتظرة منها”، موضحا: “ أن بعض الحكام يعودون إلى تقنية الفار للتأكد من حالات لا تحتاج إلى فار، ناهيك على أنهم يستغرقون وقتا كبيرا للحسم في الحالات التحكيمية ”.
من جهته كان مدير مديرية التحكيم السابق ، قد صوح في أحد البرامج الحوارية الإذاعية، أنه “لا يمكن إنكار الأخطاء التحكيمية” في البطولة المغربية، مستدركا: “هناك أخطاء تقديرية للحكام، وليس هناك أخطاء متعمدة”.
وختم قائلا “يبقى أهم مشكل يؤثر على مستوى التحكيم المغربي في السنوات الأخيرة هو تركيز مجموعة من المحللين في بعض القنوات والإذاعات على الجوانب السلبية للحكام وإغفال الجوانب الإيجابية، وهو ما يترتب عنه خلق نوع من الإحباط لدى بعضهم، خصوصاً الحكام الشباب الذين يمنون النفس بالتشجيع والتحفيز لتطوير أدائهم”.
ختاما اتسعت رقعة الاحتجاجات على الحكام بالبطولة الوطنية ، وهي ضربة موجعة للمديرية المركزية للتحكيم ولهذه التقنية التي فشلت في إنهاء المظالم التحكيمية بالبطولة رغم الامكانيات الكبيرة التي رصدتها الجامعة الملكية لتوفيرها ، حيت وصل الجدل بشأن القرارات التحكيمية في عصر «الفار» إلى مستويات غير مسبوقة، فأغلب القرارات أصبحت تخضع للجدل والشك والاحتجاجات، وهو أمر غير مقبول، باعتبار وجود تقنية فيديو، ومن المفترض أن يكون القرار حاسماً ونهائياً ولم يسبق أن تعرض التحكيم المغربي للانتقادات بقدر ما هو موجود في زمن «الفار»، لأنه لم يعد هناك مجال للحكم كي يخطئ، خاصة أن اللقطات تعاد بشكل دقيق.
وأسهمت تقنية الفيديو مساعد «الفار» مرات عديدة في تغيير مصير الفرق والنتائج، وصار اللاعبون والجماهير الرياضية يطالبون باستمرار باللجوء إلى هاته التقنية احتجاجاً على أي قرار تحكيمي متخذ، وهو ما حول الحكم إلى مجرد أداة ألة