كَشْفُ الأستاذ كان صدفةً حين خرج من عنده أحد الأطفال في السّادسة أو السّابعة من عمره، وهو يحملُ في يده قطعة مالية قدرها عشرة دراهم. الآخرون من الصّغار استفسروا، بفضول طفوليّ، حول السّبب الذي جعل الأستاذ يقدمها له، فأكّد لهم، بسذاجة طفولية، أنّه مقابل القِطعة المَالية حدثت أمُور “فظِيعة”. وقتها، تمّ كشف أمر الأستاذ، فلاذ بالهرب من المكان مقدّما شهادة طبية
هناكَ، في مكان ما بالجنوب الشرقي بالمغرب، من يرسل أبناءه للمدرسة. قد يبدو الأمر عاديّا جداً، فمعظم الآباء يرسِلون أبناءهم للتّمدرس.
لكنّ… الغريبُ في الأمر أن التّلاميذ في سِيدي علي تافراوتْ يحصلون على ضعف الحصّة… حصة من الدّرس، و”حِصّة” من البِيدوفيليا…
الموضُوع يبقى صادماً، شائِكاً، متشعّباً وبعِيداً عن التّناول، لأنّ المِنطقة التي حدَث فيها ذلك بعيدةٌ أصلاً عن الحَياة، وبفعل غياب رواية المتّهم إلى الآن…
الطّفلُ الذي يبلغ من العمر سبع سنوات، يعاني من متلازمة داون، ومع ذلك يذكرُ أنّ الأستاذ استدرجهُ إلى بيته ومارس عليه الجِنس بشكل “سطحيّ” مرّتين.
السّاكنة تعرف الفَقر والتّهميش والتفاوتات المجالية الصارخة، لا خلاف في ذلك. إلاّ أنّ البيدُوفيليا في المدارس لم تكن في حسابات ساكنة تتسمُ بالبَساطة.
… مرايانا من قلبِ سيدي علي تافرَاوت بإقليم الرّاشيدية، تنقلُ حادثةً هزّت السّاكنة، وأضْحَت على كُل لسَان.
ما الذي يجري؟
جذور الحكاية انطلقت من خبر ذاع صيته قُبَيل أيّام بجماعة سيدي علي تافراوت بإقليم الرّاشيدية، بأنّ أطفالاً تعرّضوا للاغتصاب من طرف أستاذهم في مجموعة مدارس تافراوت القديمة بالدائرة الرّابعة.
في البداية، تفجّرت سذاجة السّاكنة، وأعلنت تكذيبها المُطلق بأن يكون الأستاذ الذي قضى عشر سنوات كاملة، مغتصباً لأطفالهم غداة أن وضعوا فيه ثقة كُليّة، فلا يُعقلُ أن يكون قد استغلّ هذه الثّقة التي وضعها فِيه هؤلاء الفُقراء والمسْحُوقين اجتماعياً، ليغتَصب طُفولةً بأكمَلها ويقتلها نفسياً، كما أخبر مرايانا أحد السكان بالمنطقة…
ثمّة من الآباء من ألقى باللائمة على أبنائه، بأنه ينشر مغالطات عن الأستاذ، وأنهم لا يدركون نبل الرّسالة التعليمية.
الأستاذ جاء خلال هذا الأسبوع رفقة عائلته يطلبُ الصّفح عمّا اقترفهُ… وهذا الفعل يمكنُ أن يكون بمثابة إدانة له واعتراف بالمنسوب إليه
هؤلاء الآباء يؤمنون، بالفعل، أنّ الأستاذ “رسول” منزّه ولا يخطئ، نظراً لقيمة التّعلم والمعرفة لدى أناس أمّيين في الغالب الأعم؛ وكذلك نتيجةً للصّورة المثالية التي رسمها هذا المعلم تحديداً في أذهان السّاكنة.
في البداية، كانت ثمّة صُعوبة في جمع الشّهادات، نظراً للخوف الذي استشرى في نفوس التّلاميذ. لكن، عندما بدأوا يتداولون الأمر فيما بينهم، أصبح الأمر جدّيا بالنّسبة للجميع.
تمّ أخذُ خمسةٍ في البداية إلى الطّبيب لإجراء خِبرة طبّية، فتبيّن أن واحداً منهم تعرّض بالفعل للاغتِصاب، وهو تماماً ما أكّدته الطبيبة فتيحة لمجيمر في تواصلها مع مرايانا.
لمجيمر قالت أيضاً إنّ هذا الطفل حالته بالغة الخطورة، واتضح كذلك أنّ فعل الاغتصاب حديثٌ، وليس واقعة قدِيمة، غير مستبعِدة أن الآخرين قد تعرضوا لهتك العرض كذلك، دون أن تبقى عليهم أية آثار تثبت ذلك طبياً.
يوم الاثنين 19 أبريل 2021، قام اثنا عشر وليّ أمرٍ بوضع شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرّاشيدية، لفتح تحقيق في النّازلة. بعدها، تفاعلت السلطات مع الشّكاية وزار رِجال الدّرك الملكي المنطقة للاستِماع للضّحايا وسيتمّ عرضهم على طَبيب نفسي، لتشْخيص صحّتهم النّفسِية، وقصد التّواصل معهم بشكل دقيق واحترافي.
تم اعتقال المتّهم، ووضعه تحت تدابير الحراسة النّظرية، بسرّية الدّرك الملكي بمركز مرزوكة، يوم السبت 24 أبريل 2021، في انتظار عرضه على أنظار النيابة العامة المُختصة.