انتهت عملية التصويت برسم انتخاب أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات وأعضاء مجالس الجهات، التي جرت يوم 8 شتنبر 2021، بتغيير الخريطة السياسية المغربية، وصعود أحزاب واندحار أخرى، لكن الفائز الوحيد من هذه الانتخابات هي الدولة المغربية التي أكدت ثبات المسار الديمقراطي الذي يميز النموذج المغربي عن غيره من دول الجوار ويجعله الدولة الأكثر استقرارا وتطورا.
فرغم المناخ السياسي والاقتصادي، العالمي عموما والإقليمي خصوصا، والذي يعرف هزات قوية بسبب جائحة كورونا والأوضاع السياسية غير المستقرة في العديد من الدول، والحملات العدوانية الممنهجة التي تعرض لها المغرب من طرف بعض الدول والمنظمات الدولية الحاقدة بغية تشويه صورته وكسر شوكته، كلها تحديات واجهتها الدولة المغربية واستطاعت أن تنجز هذا الاختبار الديمقراطي في أحسن الظروف وفي الوقت المحدد له، وذلك بشهادة دول ومنظمات دولية شاركت بموفديها كمراقبين للانتخابات.
والحقيقة تقال أن نجاح هذا الاستحقاق السياسي لا يرجع للدولة المغربية لوحدها، رغم ما وفرته من موارد بشرية ووسائل مادية ولوجستيكية، وتعبئتها لمختلف السلطات المعنية، مركزيا و جهويا و محليا، لتيسير عملية تصويت المواطنات والمواطنين خلال يوم الاقتراع، إنما يعود الجزء الأكبر من النجاح للشعب المغربي الذي أبى إلا أن يكذب كل التكهنات التي روجت لها أوساط حاقدة، من داخل المغرب أو من خارجه، من أنه سيكون هناك عزوف كبير عن المشاركة، وتحدت الجائحة والأصوات المثبطة وشاركت بكثافة.
فأرقام المشاركة التي بلغت 50.35 % تعتبر الأعلى، حيث بلغت نسبة المشاركة في انتخابات 2016 حوالي 42 %، و45 % سنة 2011، وقد كان سكان الجهات الثلاث بالصحراء المغربية الأكثر مشاركة بنسب بلغت 66,94 في المائة بجهة العيون-الساقية الحمراء، و63,76 في المائة بجهة كلميم-واد نون، و58,30 في المائة بجهة الداخلة-واد الذهب، وبذلك فهي رسالة واضحة وإشارة قوية لمن يهمه الأمر من أبناء الصحراء المغربية على أنهم متشبثون بوطنهم المغرب ومنخرطون في الفعل السياسي وبناء المغرب الديمقراطي.
وبعيدا عن لغة الأرقام، فقد كان اندحار حزب العدالة والتنمية إلى المرتبة الثامنة متوقعا بعد فشله الدريع في تقديم إي جديد للمواطن المغربي طيلة 10 سنوات من قيادته للحكومة، وكان متوقعا أن يعاقبه الناخب المغربي بعدم التصويت له، وهي ليست المرة الأولى التي يعاقب فيها الشعب المغربي حزبا قاد الحكومة لسنوات وفشل في تحقيق وعوده الرنانة، فقبله كان حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، فالعجلة السياسية تدور ولا تنتظر الفاشلين، والشعب يختار مخن يراه مناسبا وقادرا على تحقيق طموحاته.
هنيئا للدولة المغربية والشعب المغربي على نجاح هذا الاستحقاق السياسي واستمرار المسار الديمقراطي الجديد الذي وضع أسسه الملك محمد السادس وسهر على تنفيذه شخصيا، رغم أنف الحاقدين، وقد تقاطرت بهذه المناسبة رسائل التهنئة على الدولة المغربية بهذا النجاح من مختلف دول العالم، وكانت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب سباقة بالتهنئة، وتبقى هذه خطوة في مسار طويل يتطلب اليقظة والعمل المتواصل، فمع كل نجاح يزداد الحاقدون والكارهون.. فاللهم احفظ بلدنا بما حفظت به السبع المثاني.